اللاجئون الفلسطينيون بسوريا و المصير المجهول

تم نشر المقال في مجلة تسامح
مقدمة:
تٌعد قضية اللاجئين الفلسطينيين من أكثر المواضيع الشائكة في ملف القضية الفلسطينية ، وهي من أصعب الملفات التي مازالت متداولة ومفتوحة في أروقة الأمم المتحدة وعمليات التفاوض المتكررة بين الفلسطينيين و الاسرائيليين ، حيث لم يتم التوصل لحتي الأن لحل عادل وعملي لقضية أكثر من خمسة ملاين لاجئ فلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية وفي الشتات
ويتوزع معظم اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات الفلسطينية بقطاع غزة و الضفة الغربية ، أما البقية فهم متواجدون خارج الأراضي الفلسطينية في بعض الدول العربية مثل لبنان وسوريا و الأردن.
وقد أصبحت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في الشتات أكثر تعقيدا ابان فترة الصراع السوري الداخلي ، حيث يعاني معظم اللاجئون الفلسطينيون في سوريا من أزمة الصراع المحتدم في سوريا، فقد وقع عدد كبير منهم ضحية هذا الصراع و تأثروا بشكل مباشر من أحداث العنف الدائرة ، مما أدى بهم في نهاية المطاف للهجرة مرة ثانية والهروب من الأراضي السورية في تجاه بعض الدول العربية المجاورة أو الدول الأوروبية ، فأصبح اللاجئ الفلسطيني يشعر بالتشتت مرة أخرى متجها بذلك نحو مستقبل مجهول في ظل حرمانه من العودة إلي وطنه الأصلي فلسطين ومعاناته من وطنه المؤقت في سوريا.
ويُشكل اللاجئون الفلسطينيون بسوريا نسبة كبيرة من عدد لاجئي فلسطيني الشتات حيث حسب سجلات الأونروا بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين بسوريا قبل فترة الصراع السوري نحو 500 ألف لاجئ فلسطيني ، لكن هذا العدد انخفض بعد اشتعال الصراع بسوريا إذ تشرد نحو 63% من هؤلاء اللاجئون الفلسطينيون و أصبحوا مهجرين داخل سوريا وخارجها.
ويقطن معظم اللاجئون الفلسطينيون في سوريا عادة ضمن اثنى عشر مخيماً تشرف عليهم رسميا وكالة الغوث الأونروا، و يعتبر مخيم اليرموك من أكبر المخيمات الفلسطينية في سوريا حيث حسب سجلات الأونروا فإن عدد سكانه يبلغ نحو أكثر من 144 ألف لاجئ فلسطيني ، وقد شهد سكان هذا المخيم أحداث عنف فظيعة وحصار مشدد جراء الاقتتال السوري الداخلي خلال عام 2011.
و بالرغم من الظروف القاسية التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون بسوريا خلال هذه الآونة، إلا أننا لا نستطيع أن ننكر أن حياة اللاجئون الفلسطينيون بسوريا بالسابق أي قبل فترة الصراع السوري الداخلي كانت تتسم بالاستقرار نوعا ما ، وكانت توصف بأنها جيدة مقارنة بوضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، فعلى سبيل المثال منحت التعديلات الخاصة في القوانين السورية الفلسطينيين من أبناء النزوح الأول حق العمل والتنقل والانخراط في التجارة ، لكن في ذات الوقت لم يتم الغاء بشكل كامل القيود المفروضة على شراءهم للأراضي بسوريا .وقد عدل المشرع السوري القوانين بما يكفي لتسهيل عملية دمج اللاجئين الفلسطينيين اقتصادياً و ذلك من أجل استيعابهم بشكل كامل في المجتمع، فحصل اللاجئ الفلسطيني بشكل جزئي على بعض حقوق متساوية لنظيره السوري في التملك والتوظيف والتعليم والصحة، مع بعض النواقص في ما يخص تملك العقارات، وحرمانه من الوصول إلى مراكز سياسية حساسة أو التصويت والترشح للانتخابات البرلمانية والرئاسية، باعتباره غير مواطن وذلك من أجل المحافظة على الموقف السياسي السوري المرتبط بعدم توطين اللاجئين الفلسطينيين في سوريا.

الهروب من سوريا
ومع اندلاع  أحداث العنف و الاقتتال الداخلي بسوريا عام 2011 تغيرت الأمور و انقلبت رأسا على عقب فأصبحت حياة اللاجئ الفلسطيني بسوريا محفوفة بالخطر و أصبح يعيش هؤلاء اللاجئون في ظل أوضاع انسانية حرجه و ظروف مأساوية ، بالرغم من أنهم لم يكونوا طرفا بالنزاع ، لكن تواجدهم بالمدن و المخيمات السورية جعلهم يتأثرون بشكل سلبي و خطير بتطورات الصراع الداخلي السوري، وذلك مثلهم مثل المواطنين السوريين الأصليين . لذا نتيجة لهذا الصراع المحتدم في سوريا أصبح اللاجئون الفلسطينيون
معرضين كغيرهم من المواطنين السوريين الي النزوح و الهجره مرة أخرى بعد عقود من الاستقرار المؤقت في مخيمات اللاجئين التابعة للأونروا.

 

و مع استمرار الصراع السوري لأكثر من ثلاث سنوات تفاقمت أوضاع لاجئي فلسطين في سوريا و أصبحت أكثر سوءا ، حيث أن شبكات الدعم والمجتمعات التي قاموا ببنائها على مدى عقود من الزمن يتم تدميرها الآن بشكل سريع، و أصبح الترحيب الذي لاقوه سابقا يتضاءل بشدة ، فأولئك الذين فرو اإلى لبنان و الأردن ومصر يجدون أنفسهم في وضع قانوني محفوف بالخطر،ويواجهون ظروفاً معيشية صعبة   إلى حد أن العديد منهم أصبحوا يفضلون العودة إلى سوريا مرة أخرى رغماًعن أية أخطار تهددهم.
و تعود أسباب عدم ترحيب بعض الدول العربية بلاجئي فلسطين الفارين من سوريا هو خصوصية وضع اللاجئين الفلسطينيين الذي لا يمتلكون جوزات سفر فلسطينية رسمية مما جعلهم ذلك يعيشون في أوضاع صعبه تقيد من حرية تنقلهم عبر الحدود ، فاللاجئ الفلسطيني الهارب من سوريا ليس  مرحب به بشكل كبير بالأردن حيث تفرض السلطات الأردنية  اجراءات مشددة على عملية نزوح الفلسطينيين و الاقامة في أراضيها فقد صرح رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور لصحيفة الحياة في 27تشرين الأول/أكتوبر 2012، قائلا بأن “الاردن اعتمد قراراً سيادياً واضحاً وصريحاً بعدم السماح لعبور من قبل إخواننا الفلسطينيين الذين يحملون وثائق سفر سورية إلى الأردن”.

ويزداد الأمر تعقيدا أكثر في لبنان الذي يشعر بالانزعاج من وجود اللاجئين الفلسطينيين في مخيماته منذ زمن طويل والذي شهد منذ ارتفاع وتيرة العنف في مخيم اليرموك في كانون الأول/ديسمبر2012،وخلال العامين 2013و 2014 ،تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين من سوريا إلى أراضيه ،حيث يتم حاليا إيواء أكثر من نصف اللاجئين الفلسطينيين من سوريا في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان التي تعاني بالأصل من الاكتظاظ  ويكافح  فيها اللاجئين الفلسطينيين في خضم وضع يتسم أصلاً بالقيود على حقوقهم ونقص الوصول إلى الخدمات العامة أو  فرص العمل.

أما بالنسبة لهروب اللاجئين إلي مصر فقد سمحت الحكومة المصرية ابان حكم الرئيس المخلوع محمد مرسي للاجئين الفلسطينيين بالدخول الي الأراضي المصرية خاصة لحملة الوثائق المصرية وذلك للمكوث مؤقتًا في مصر إلى حين انتهاء الأزمة في سورية، لكن الأمر اختلف مؤخرًا في ظل التغيير السياسي في مصر ورحيل حكم الاخوان المسلمين ، حيث أصبح يتعذّر السماح لفلسطينيين سورية من حملة الوثائق السفر إلى مصر من مطار  بيروت، وذلك بناء على تعليمات من السلطات المصرية الحالية .و على صعيد أخر رحبت بعض الدول الأوروبية مثل السويد و النرويج بهجرة  اللاجئين الفلسطينيين  الي أراضيها و قدمت لهم تسهيلات كبيره في اجراءات الهجرة مع توفير لهم الدعم الانساني و المساعدة القانونية.

أزمة مخيم اليرموك

يعتبر اللاجئين الفلسطينيين القاطنين في مخيم اليرموك بسوريا من أكثر الفئات تضررا جراء أحداث الصراع السوري المسلح ، حيث شهد المخيم في منتصف شهر ديسمبر\كانون الأول من العام 2012 حملة عسكرية كبيرة من قبل نظام الأسد بعد أن تقدمت قوّات المعارضة من الأحياء الجنوبيّة في دمشق، و تم قصف جامع عبد القادر الحسيني في المخيم والذي كان يؤوي الكثير من النازحين من الأحياء المجاورة فسقط العديد من الأشخاص بين قتيل وجريح، ثم اندلعت بعد ذلك اشتباكات عنيفة بين الجيش النظامي السوري والجيش الحر مع تدخل بعض العناصر الفلسطينية التي انشقّت عن اللجان الشعبية التابعة لأحمد جبريل، مما أدى الي اشتعال الأوضاع أكثر فأكثر عندها بدأت موجة نزوح للأهالي بأعداد هائلة.

و أخذت الاشتباكات تتصاعد داخل المخيم فتعرض مخيم اليرموك في شهر سبتمبر \ أيلول 2013 لأسوأ حصار حيث حوصر نحو 20 ألف لاجئ فلسطيني مما يقطنون المخيم من قبل الجماعات المسلحة وقد مات جوعا عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين من الأطفال والنساء والشيوخ وذلك حتى بداية شهر فبراير\شباط 2014.

و قد ظهرت في الأفق عدة محاولات ومبادرات لإنقاذ الوضع الإنساني في اليرموك ، حيث تم محاولة توصيل سلات غذائية و مساعدات طبية لسكان المخيم من قبل بعض المؤسسات الاغاثية ، لكن القوات المسلحة المحاصِرة للمخيم منعت دخولها وقامت بنهبها  ليلا، و كان هناك مبادرة ثانية تقضي بإخراج ثلاثمائة مريض وجريح من سكان المخيم، وكان أغلبهم نساء وأطفال، غير أن قوات النظام المحاصرة قامت بإطلاق النار عليهم لدى خروجهم ما دفعهم إلى العودة أدراجهم.
أما في الأراضي الفلسطينية فقد انطلقت عدة حملات ومبادرات من أجل جمع تبرعات لدعم سكان المخيم حيث كانت هناك واحدة من أضخم الحملات الإعلامية لنصرة اللاجئين الفلسطينيين المحاصرين في مخيم اليرموك في سوريا سميت تلك الحملة بعنوان “هنا مخيم اليرموك”، وشاركت في الحملة أكثر من 60 محطة إذاعية فلسطينية، اشتركت جميعها في بث موحد، لكن للأسف جميع هذه المبادرات و المحاولات للمساعدة لم تثمر شيئا و بقي سكان مخيم اليرموك يعانون بشكل يومي من أحداث العنف و الحصار.

الدعم الدولي للاجئين الفلسطينيين بسوريا
من المعروف لدى الجميع ، أن وكالة غوث اللاجئين -الاونروا هي من أولي المنظمات الدولية التي تهتم بشكل مكثف في قضية اللاجئين الفلسطينيين في داخل الأراضي الفلسطينية و الدول العربية مثل سوريا و لبنان و الاردن ، فهي تقدم العديد من الخدمات الانسانية لهؤلاء اللاجئين في تلك المناطق المذكورة ، لكن مع اندلاع أحداث العنف بسوريا وبشكل متسارع ألقى هذا الصراع السوري الداخلي بظلاله على نشاط الأونروا وقدرتها على التواصل مع كافة مكاتبها الفرعية في المحافظات السورية .فقد تأثرت الخدمات التي تقدمها الوكالة في بعض المناطق خاصة التي تعتبر ساخنة نتيجة صعوبة الوصول إلى هذه المناطق في ظل العمليات العسكرية , وكانت بوادر هذا التأثر صعوبة الوصول إلى مخيم درعا بعد بدء الحكومة السورية عملية ضد المدينة , لذلك قامت الأونروا بتعليق خدماتها للاجئين الفلسطينيين في درعا وما حولها .

و تحاول وكالة الغوث الاونروا أن تكون محايدة و أن لا تتدخل في الشؤون السياسية للدول التي تعمل ضمن نطاقها حيث تكتفي فقط بمناشدة الأطراف المتنازعة بالهدوء و تقوم برفع تقارير للأمم المتحدة حول الوضع الانساني للاجئين الفلسطينيين بسوريا و تحاول الأونروا أن تبذل جهود حثيثة من أجل محاولة استيعاب اللاجئين الفلسطينيين الفارين من سوريا ضمن المخيمات التي ترعاها في لبنان مما أثقل من الأعباء المالية على وكالة الغوث التي وجد طاقمها نفسه ملزما بتقديم خدمات طبية لهؤلاء اللاجئين ضمن عيادات الاونروا أو استيعاب أطفال اللاجئين بمدارس الاونروا .
وبعيدا عن خدمات وكالة الغوث الأونروا برز هناك في الأفق دور أخر لمنظمة أخرى من منظمات الأمم المتحدة ألا وهي المفوضية العليا لشئون اللاجئين، حيث حاولت تلك المنظمة أن تتدخل في عملية تسهيل اجراءات هجرة اللاجئين الفلسطينيين من سوريا  لكن محاولاتها  باءت بالفشل بسبب رفض الدول العربية لتدخلها في شئون اللاجئين الفلسطينيين، فقد اعتبرت الدول العربية أن وكالة الأونروا و حسب التفويض المعطى لها،هي الجهة الوحيدة  المخولة  للتعاطي مع الوضع المستجد  للاجئي فلسطين ،أولاً لكونهم فلسطينيين ،وثانياً كونهما نتقلوا  إلى دول أخرى مشمولة بنشاطات الوكالة و اعتبرت أيضا تلك الدول أن دخول المفوضية العليا على خط  إغاثة هؤلاء سيؤدي إلى المساس بدور وكالة الأونروا يصب في مصلحة بعض الدول الداعية  إلى شطبها و إلغائها .

لذا نتيجة للانتقادات العربية ضد تدخل المفوضية اعتبرت المفوضية فلسطينيي سورية غير متساوين مع السوريين الذين لجأوا إلى البلدان نفسها وذلك حتى لا يتعارض عمل المفوضية مع عمل الاونروا ،لكنها في نفس الوقت اهتمت بالمقابل بفلسطينيي سورية الذين توجهوا إلى تركيا على اعتبار أن تركيا لا تندرج في نطاق الدول التي تعمل فيها وكالة الأونروا. واليوم تشدد المفوضية العليا على الفقرة الثانية من موادها والتي تنص على أن اللاجئين الفلسطينيين هم لاجئون بحكم الواقع ويجب حمايتهم من قبل المفوضية وذلك في حال توقفت هيئات أخرى في الأمم المتحدة من تقديم المساعدة والحماية لهم.

الموقف الفلسطيني من قضية اللاجئين الفلسطينيين بسوريا
اتسم الموقف الفلسطيني من قضية اللاجئين الفلسطينيين بسوريا بالغموض وعدم الوضوح وذلك في بداية أزمة الصراع السوري الداخلي حيث حاولت منظمة التحرير الفلسطينية اتباع سياسة النأي بالنفس وعدم التدخل بالشئون السورية الداخلية فلم يصدر عن المنظمة بيان واضح يتعلق بقضية الصراع السوري الداخلي بسوريا , إلا أنها في سياقٍ متصل أدانت المنظمة الأحداث التي حصلت في مخيم اليرموك بتاريخ 7حزيران/يونيو 2011 أو ما عرف بأحدث الخالصة حيث قالت اللجنة في بيان صحافي: إنها ” ترفض بحزم أية مبررات أو ذرائع لهذا العمل الإجرامي الجبان الذي يخرج عن أبسط التقاليد الوطنية الفلسطينية والذي يرقي إلى مستوى الجريمة، جريمة القتل الجماعي دون تمييز، من قبل جماعات الجبهة الشعبية – القيادة العامة ”

ومع اشتعال الصراع بسوريا و تعرض اللاجئين الفلسطينيين بسوريا للعنف و الهجرة القسرية و الحصار بدأت قيادة منظمة التحرير بإدانة طرفي النزاع حيث وصف أمين سر المنظمة ياسر عبد ربه لوكالة رويترز قصف مخيم الرمل باللاذقية من قبل النظام في 17شهر أغسطس\أب عام 2011 بأنها “جريمة ضد الإنسانية”؛ وكانت زيارة وفد منظمة التحرير لدمشق برئاسة زكريا الأغا في شهر فبراير \شباط عام 2013 تعبيراً عن رغبة قيادة المنظمة في لعب دور أكثر فاعلية فيما يتعلق بالفلسطينيين المقيمين في سورية، غير أن الأمر لم يخلُ من مجاملة للنظام، خاصة وأنه ناقش قضية تحييد المخيمات، دون اللقاء مع أي جهة من جهات المعارضة، التي تسيطر فعلياً على مخيم اليرموك؛ إضافة إلى تصريح عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة عبد الرحيم ملوح لقناة القدس بالتزامن مع وجود الوفد في دمشق، “بأن ما يجري في مخيم اليرموك يتحمل مسؤوليته الجيش الحر”.

وقد حاولت دائرة شئون اللاجئين التابعة لمنظمة التحرير بذل الجهود من خلال عدة جولات لرئيس الدائرة في مساعي دائمة ومتواصلة لتحييد اللاجئين الفلسطينيين في سورية عن دائرة الصراع الدائر هناك ولضمان توفير المساعدات الإنسانية لهم، لكن جهودها باءت بالفشل حيث لم تفرق الحرب السورية بين المواطن السوري و اللاجئ الفلسطيني بل عاني الكثير من اللاجئين الفلسطينيين من نتيجة الصراع خاصة في مخيم اليرموك الذي مازال محاصرا من قبل مسلحين وقوات نظام الاسد. ولقد شكلت المنظمة لجنة خاصة من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بقيادة الدكتور أحمد المجدلاني ، قامت بتقديم مبادرة من أجل ايجاد حل سياسي لقضية اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك حيث حاولت المنظمة عبر تلك المبادرة تقديم حل سياسي ينهي تواجد المسلحين داخل المخيم، وتصويب أوضاع المسلحين، مشددة أن السلاح الفلسطيني سيحدث توترات فقدنصت مبادرة القيادة العامة على حل أمني يسمح بتواجد مسلحين من عناصرها لحفظ الأمن داخل المخيم ، لكن جهود تلك اللجنة انهارت لحل ازمة المخيمات الفلسطينية في سوريا بسبب اعاقة قيادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لتلك الجهود وتمسكها بالحل الأمني بدل السياسي ما دفع بعودة المسلحين مرة أخرى لداخل مخيم اليرموك.

أما بالنسبة للفصائل الفلسطينية الأخرى ففي بداية الأزمة السورية حرصت معظم الفصائل الفلسطينية بشكل عام على إبداء موقف حيادي تجاه الأحداث في سورية، غير أنها معظمها لم يخفِ تعاطفه مع الشعب السوري ومطالبه المحقة في الحرية والديمقراطية، مع الدعوة إلى قطع الطريق على التدخل الأجنبي الخارجي، وعلى عدم توريط المخيمات خصوصاً في النزاع المسلح بين الطرفين. فعلى سبيل المثال عبرت حركة حماس حول موقفها من الصراع السوري الداخلي بقولها أن تدعم الاصلاح و الديمقراطية في سوريا ولم تعلن صراحة دعمها لنظام الأسد بالرغم أن كان لديها بالسابق علاقات قوية مع نظام الاسد قبل الأزمة إلا أن قيادة الحركة لم تخفي دعمها لموقف الثوار في سوريا لذا فقد كانت تقديرات حماس للأزمة تدفع بكوادرها الرئيسية لمغادرة سورية، تمهيداً لنقل كامل مكتبها السياسي من دمشق، وهو ما وسّع من دائرة الانتقاد لها في وسائل إعلام النظام والموالين له، ووصلت إلى درجة الهجوم المباشر على شخص رئيس المكتب السياسي خالد مشعل على التلفزيون الرسمي في 1 أكتوبر\تشرين الأول لعام 2012 ، بعد خطابه في مؤتمر العدالة والتنمية التركي في أنقرة في اليوم السابق، والذي أعلن فيه تأييده  ثورة الشعب السوري، وهو ما أعقبه إغلاق مقرات المكتب السياسي للحركة في دمشق ومصادرتها من قبل النظام.

وعلى النقيض من موقف حركة حماس ، انحازت قيادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين للنظام الأسد فقام أحمد جبريل بتأييد الأسد لدى اجتماعه بالفصائل الفلسطينية، وتلقت الجبهة دعماً لتشكيل قوات أمنية منذ شهر آب/ أغسطس 2012 أُطلق عليها “اللجان الشعبية”، انتشرت بشكل مركز في مخيم اليرموك. واصطدمت مع الجيش الحر في المناطق المتاخمة للمخيم طوال أكثر من أربعة شهور، سقط خلالها مئات الضحايا الفلسطينيين، وبقي هذا الحال إلى أن دخلت مجموعات الجيش الحر مخيم اليرموك، إثر انهيار لجان القيادة العامة، بعد انشقاق العشرات منهم على خلفية قصف الطيران الحربي لمسجد عبد القادر الحسيني في شهر كانون الأول لعام 2012 ، والتسبب باستشهاد أكثر من 15 شخصاً.

مستقبل اللاجئون الفلسطينيون بسوريا

و أخيرا لا يسعنا ، إلا أن نتساءل هنا عن مستقبل ومصير اللاجئون الفلسطينيون بسوريا ،حيث مازالت حتى تلك اللحظة قضية هؤلاء اللاجئون ثانوية وتكاد أن تكون منسية بالنسبة للفصائل الفلسطينية وهي لا تنال اهتمام دول العالم العربي ، بل أصبحت تشكل ثقل و عبء على بعض الدول العربية التي تتهرب من تقديم الدعم و المساعدة للاجئين بحجة بعض الاجراءات الأمنية و البيروقراطية ، مما جعل اللاجئين الفلسطينيين يعانون الأمرين و يشعرون بقلة الحيلة وسوء الحال فقد أصبح الكثير منهم مشردا عبر الحدود السورية بينما اضطر البعض الأخر منهم للبقاء للعيش في وسط الصراع و المغامرة بحياتهم وحياة عائلتهم بسبب انغلاق كافة السبل أمامهم فلا مفر لهم من الحرب المحتدمة سوى الموت وذلك بسبب تخلي معظم القادة السياسيين عن دعمهم ومساندتهم.

ومع ضياع حلم العودة لفلسطين مرة أخرى وتشتت القضية الفلسطينية بسبب انعدام الرؤيا السياسية و عدم وضوح أهداف القادة الفلسطينيين في ملف المفاوضات مع صعوبة الوصول الي حل نهائي وعادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين بشكل عام ، يبقى اللاجئ الفلسطيني بسوريا مصيره مجهول و يخضع للتغيرات السياسية في الساحة السورية فإذا انتهى الصراع بسوريا وعادت الأمور الي مجراها الطبيعي لا نعلم اذا هل سيتمكن هؤلاء اللاجئون الفلسطينيون من العودة مرة أخرى للعيش في سوريا أم سيتم رفضهم وعدم استيعابهم من قبل السلطة الحاكمة ؟للأسف لا أحد يستطيع التنبؤ بالإجابة على هذا السؤال في ظل غياب استراتيجية سياسية فلسطينية واضحة تجاه دعم اللاجئين الفلسطينيين .
لذا ستبقى قضية اللاجئين الفلسطينيين بسوريا معلقة ومرتبطة بمسألة انتهاء أو استمرار الصراع السوري الداخلي ولكن ذلك يجب أن لا يعفي منظمة التحرير الفلسطينية من مسئوليتها تجاه هؤلاء اللاجئين بل على قيادة المنظمة أن تبذل مزيد من الجهود الجدية في سبيل توفير حماية دولية وعربية لهؤلاء اللاجئين وعليها أن تستمر في التفاوض مع الجهات السورية و العربية و الدولية من أجل مصلحة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا بالإضافة الي ذلك ، أعتقد أن على منظمة التحرير الفلسطيني أن تقوم بالتنسيق مع وكالة الأونروا فيما يخص تقديم الخدمات الانسانية و المساعدات العاجلة للاجئين الفلسطيني حيث يجب أن يكون هناك علاقة متكاملة بين المنظمات الدولية المختصة بشئون اللاجئين وبين لجان منظمة التحرير الفلسطينية .

أما بالنسبة للفصائل الفلسطينية فأعتقد أنه من الخطأ الجسيم أن تنحاز الفصائل الفلسطينية لأي طرف في النزاع السوري بل عليها أن تلتزم بالحياد على قدر الامكان و أن لا تتدخل في الشأن السوري الداخلي مهما تقلبت الظروف حتى لا يدفع اللاجئ الفلسطيني ثمن تدخل الفصيل الفلسطيني في دائرة الصراع السوري ، فمصلحة المواطن الفلسطيني يجب أن تكون أعلى من مصلحة أي فصيل سياسي.

4 رأي حول “اللاجئون الفلسطينيون بسوريا و المصير المجهول

  1. انا رجعت للمجلة ما لقيت المقال في العدد 44 يا ريت تعطيني رابط المجلة او الملف

    إعجاب

    1. أعتقد انني مخربطة برقم العدد ، بس المقال فعلا تم نشره في مجلة تسامح يمكن العدد 45 أو 46 بصراحه مش متاكده لأني لم أستلم نسخه ورقية من المجلة
      شكرا لتواصلك و اهتمامك بالموضوع

      إعجاب

  2. يعني كل هالكلام وماحكيتو عن الفلسطيني السوري بغزة المحروم من كل اسباب الحياة الكريمة والمحترمة .والعمل بدون رواتب ..للفلسطينيين السوريين الذين لايعاملون مثل المواطنين ولا مثل للاجئين الفلسطينين الفلسطينين

    إعجاب

    1. شكرا سيد نارو لتعليقك ، الموضوع يتناول مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بسوريا في أي مكان سواء عادوا إلي غزة أو رحلوا إلي بلدان أخرى ، القضية هي المعاناة بشكل عام و ليس التخصيص على فئة معينة من اللاجئين ، فعدد اللاجئين بغزة من سوريا هو عدد قليل جدا بالنسبة لأزمة اللاجئين القاطنين بمخيم اليرموك ومخيمات لبنان وهم حسب علمي يتقاضون مساعدات ودعم من قطاع غزة ومعظمهم افتتح مشاريع تجارية بغزة

      شكرا لمرورك
      تحياتي
      الكاتبة:رهام عودة

      إعجاب

أضف تعليق